أقلام و Qalamas

أين البداية؟ ومتى النهاية؟

  • البداية.

تلك الفرحة الممزوجة بالخوف في أول الأيام، رسالة قبول واحدة قصيرة جداً، كفيلة برسم أحلام عدة، تنام وتستيقظ على حلم تكرر مشهده كل ليلة، تمل وتبكي، وتعود للحلم به من جديد، تصارع العراقيل من أجل تلك اللحظة، تمر على كل أنواع المعاملة من أجل ذلك اليوم، اللطافة المرهفة وإحقاق الحق والتقدير من أستاذك ومن حولك وحتى من نفسك، أو التقليل من قيمة كل ما بذلت جهدك من أجله، كل ذلك سوف يمر. التنقل بين المدن والسفر بعيداً وبالك منشغل بغير ما يفكر به الآخرون وتهمس في نفسك: أنا حتماً مختلف، أنا استحق!

  • مثل يوم عيد..

ثم مرت سنوات كلمح البصر لا شيء فيها سوى الالتزام رغم ظني بنفسي أني مقصرة، لكنني اليوم وصلت. ذلك اليوم بكل تفاصيله، وحقيبة الرحلة المملوءة بكل الحب، بكل الفرح، بكل الدموع، وبحوزتها ثوب التخرج وقبعته، وبضع شهقاتٍ للحماس والترقب، لم أغف حينها، ووقفت للدنيا مثل جبل شاهق، يريد أن يوصِل للجميع بأن قمته عالية بكل صمت، بكل فخر، وبكل اعتزاز، من يقرأ ذلك ربما يظن أني اغتررت بنفسي، لكن وحده من يعرف القصة جيداً يفهم ماذا أقول.

  • ثم ماذا؟

بعد كل ما واجهت وكل ما ظننته واضحاً، أنا اليوم في عالم مختلف تماماً، في حيرة وفي ضياع لم يحدث مثل أول مرة، بل اليوم أشد وتيرة من السابق، هاجس السباق مع العمر والتنافس بين مختلف الأوجه، والصعوبة في التوقف بعد مضي معظم الطريق، بل تعتقد في نفسك أنك بلغت نهايته وحان وقت الحصاد، تتفاجأ بـ (لا) أنت لم تفعل شيئاً لم تركض كما الجميع، بل لم تمسك خط البداية ولم تسحبه نحوك، بغية الدخول في السباق مثلما فعلوا.

  • ضاعت الفكرة، وكذلك الخارطة..

رغم رغبتي في الكتابة كمهنة وأعرف نفسي بها جيداً، لكن من يا ترى قد يأخذ هذه الكلمات على محمل الجد؟

 لقد شعرت أحياناً بأني أصرخ في محيط وحيدة لا أحد يسمعني، ولا يوجد منقذ. العمل يتطلب من وجهة نظري أشياء ضبابية لا أعرف فحواها، ولا أعرف ما هو المطلوب، كم من شخصٍ مثلي، يشعر بأن الوظيفة مثل السحاب، نراه حقاً، ولكن لا يمكن لنا لمسه. أرجو أن أعود يوماً لأكتب عن نجاحي هاهنا، وأن أكتب عن أنواع البشر الذين قابلتهم، وأن أكوّن قصة عن نفسي فيها أحقق حلمي ومنها أفخر.. هل يكون؟

  • مسار آخر..

على ذكر البشر، من يعرفك جيداً ويرفعك على قدر من المحبة، سيدعو لك بالتوفيق، سيكابد معك إلى أن تصل لنقطتك المطلوبة سيدفعك دفعاً حتى تنجح، حتى تؤمن بنفسك مثلما فعل ويراك، سيصبر على تخبطك وسيرشدك ويكون قبطانك في سفينة الحياة، سيركض معك لو احتجت، ويدافع عنك لو ظُلمت، ولو أخطأت سيقول لك نعم أخطأت حرصاً على ألا يراك أحد بمظهر لا ترغبه، سيكون من تستند عليه يفهمك كما لم يفهمك أحد من قبل، كما لم تفهم أنت نفسك. إنه شخص واحد، شخصان على الأكثر ممن تعرفهم، كن لهم كل شيء قبل انتهاء الطريق.